Dragon__Rouge
المساهمات : 210 تاريخ التسجيل : 05/12/2008 العمر : 39
| موضوع: صحيح البخاري ( الجزء -السادس عشر) الإيمان*** (أحب الدين إلى الله عز وجل أدومه ) الأربعاء ديسمبر 17, 2008 8:01 am | |
| حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال من هذه قالت فلانة تذكر من صلاتها قال مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه فتح الباري بشرح صحيح البخاري قوله : ( حدثنا يحيى ) هو ابن سعيد القطان , " عن هشام " هو ابن عروة بن الزبير . قوله : ( فقال من هذه ) للأصيلي " قال من هذه " بغير فاء , ويوجه على أنه جواب سؤال مقدر , كأن قائلا قال : ماذا قال حين دخل ؟ قالت : قال من هذه . قوله : ( قلت فلانة ) هذه اللفظة كناية عن كل علم مؤنث فلا ينصرف , زاد عبد الرزاق عن معمر عن هشام في هذا الحديث " حسنة الهيئة " . قوله : ( تذكر ) بفتح التاء الفوقانية , والفاعل عائشة . وروي بضم الياء التحتانية على البناء لما لم يسم فاعله , أي : يذكرون أن صلاتها كثيرة . ولأحمد عن يحيى القطان " لا تنام , تصلي " وللمصنف في كتاب صلاة الليل معلقا عن القعنبي عن مالك عن هشام , وهو موصول في الموطأ للقعنبي وحده في آخره " لا تنام بالليل " وهذه المرأة وقع في رواية مالك المذكورة أنها من بني أسد , ولمسلم من رواية الزهري عن عروة في هذا الحديث أنها الحولاء بالمهملة والمد وهو اسمها بنت تويت بمثناتين مصغرا ابن حبيب بفتح المهملة ابن أسد بن عبد العزى من رهط خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها , وفي روايته أيضا " وزعموا أنها لا تنام الليل " وهذا يؤيد الرواية الثانية في أنها نقلت عن غيرها . فإن قيل وقع في حديث الباب حديث هشام دخل عليها وهي عندها , وفي رواية الزهري أن الحولاء مرت بها فظاهره التغاير , فيحتمل أن تكون المارة امرأة غيرها من بني أسد أيضا أو أن قصتها تعددت . والجواب أن القصة واحدة , ويبين ذلك رواية محمد بن إسحاق عن هشام في هذا الحديث ولفظه " مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم الحولاء بنت تويت " أخرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له , فيحمل على أنها كانت أولا عند عائشة فلما دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة قامت المرأة كما في رواية حماد بن سلمة الآتية , فلما قامت لتخرج مرت به في خلال ذهابها فسأل عنها , وبهذا تجتمع الروايات . ( تنبيه ) : قال ابن التين لعلها أمنت عليها الفتنة فلذلك مدحتها في وجهها . قلت : لكن رواية حماد بن سلمة عن هشام في هذا الحديث تدل على أنها ما ذكرت ذلك إلا بعد أن خرجت المرأة , أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده من طريقه ولفظه " كانت عندي امرأة , فلما قامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذه يا عائشة ؟ قلت : يا رسول الله هذه فلانة , وهي أعبد أهل المدينة , فذكر الحديث . قوله : ( مه ) قال الجوهري : هي كلمة مبنية على السكون , وهي اسم سمي به الفعل , والمعنى اكفف , يقال مهمهته إذا زجرته , فإن وصلت نونت فقلت مه . وقال الداودي : أصل هذه الكلمة " ما هذا " كالإنكار فطرحوا بعض اللفظة فقالوا مه فصيروا الكلمتين كلمة , وهذا الزجر يحتمل أن يكون لعائشة , والمراد نهيها عن مدح المرأة بما ذكرت , ويحتمل أن يكون المراد النهي عن ذلك الفعل , وقد أخذ بذلك جماعة من الأئمة , فقالوا : يكره صلاة جميع الليل كما سيأتي في مكانه . قوله : ( عليكم بما تطيقون ) أي : اشتغلوا من الأعمال بما تستطيعون المداومة عليه , فمنطوقه يقتضي الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة , ومفهومه يقتضي النهي عن تكلف ما لا يطاق . وقال القاضي عياض : يحتمل أن يكون هذا خاصا بصلاة الليل , ويحتمل أن يكون عاما في الأعمال الشرعية . قلت : سبب وروده خاص بالصلاة , ولكن اللفظ عام , وهو المعتبر . وقد عبر بقوله " عليكم " مع أن المخاطب النساء طلبا لتعميم الحكم , فغلبت الذكور على الإناث . قوله : ( فوالله ) فيه جواز الحلف من غير استحلاف . وقد يستحب إذا كان في تفخيم أمر من أمور الدين أو حث عليه أو تنفير من محذور . قوله : ( لا يمل الله حتى تملوا ) هو بفتح الميم في الموضعين , والملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته , وهو محال على الله تعالى باتفاق . قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين : إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا كما قال تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وأنظاره , قال القرطبي : وجه مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن يقطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه . وقال الهروي : معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه . وقال غيره : معناه لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم , وهذا كله بناء على أن " حتى " على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم . وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل : معناه لا يمل الله إذا مللتم , وهو مستعمل في كلام العرب يقولون : لا أفعل كذا حتى يبيض القار أو حتى يشيب الغراب . ومنه قولهم في البليغ : لا ينقطع حتى ينقطع خصومه ; لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية . وهذا المثال أشبه من الذي قبله لأن شيب الغراب ليس ممكنا عادة , بخلاف الملل من العابد . وقال المازري : قيل إن حتى هنا بمعنى الواو , فيكون التقدير لا يمل وتملون , فنفى عنه الملل وأثبته لهم . قال : وقيل حتى بمعنى حين . والأول أليق وأجرى على القواعد , وأنه من باب المقابلة اللفظية . ويؤيده ما وقع في بعض طرق حديث عائشة بلفظ " اكلفوا من العمل ما تطيقون , فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل " لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف , وقال ابن حبان في صحيحه : هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به إلا بها , وهذا رأيه في جميع المتشابه . قوله : ( أحب ) قال القاضي أبو بكر بن العربي : معنى المحبة من الله تعلق الإرادة بالثواب أي : : أكثر الأعمال ثوابا أدومها . قوله : ( إليه ) في رواية المستملي وحده " إلى الله " وكذا في رواية عبدة عن هشام عند إسحاق بن راهويه في مسنده , وكذا للمصنف ومسلم من طريق أبي سلمة , ولمسلم عن القاسم كلاهما عن عائشة , وهذا موافق لترجمة الباب , وقال باقي الرواة عن هشام " وكان أحب الدين إليه " أي : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرح به المصنف في الرقاق في رواية مالك عن هشام , وليس بين الروايتين تخالف ; لأن ما كان أحب إلى الله كان أحب إلى رسوله . قال النووي : بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله , بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة . وقال ابن الجوزي : إنما أحب الدائم لمعنيين : أحدهما أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل , فهو متعرض للذم , ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه . ثانيهما أن مداوم الخير ملازم للخدمة , وليس من لازم الباب في كل يوم وقتا ما كمن لازم يوما كاملا ثم انقطع . وزاد المصنف ومسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة " وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل " . | |
|