معنى الرب... أعطاك كل ما تملك. الطفل الصغير ليس في حديد أمه حديد، جعل الله في طحال المولود كمية حديد تكفيه سنتين إلى أن يأكل، أعطى الطفل الرضيع منعكي المص لمجرد أن يولد يلتقم ثدي أمه ويحكم الإغلاق ويسحب الهواء فيأتيه الحليب، جهازه الهضمي مملوء بشحنة لحمية عند الولادة، في أول يومين لا يأتيه الحليب، يأتيه مادة مذيبة للشحم: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}.
يعني الحديث عن هذا الموضوع لا ينتهي، لكن ما معنى الرب؟ أعطاك كل ما تستطيع، كل ما تحتاجه من أجهزة.. من أدوات.. من وسائل.. من نسج.. من خصائص..... ، يعني في بالقلب شريان ليس له وظيفة واضحة جدا وظيفته الواضحة عند انسداد بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان ويوضع كقطع غيار للقلب. والله الحديث بموضوع خلق الإنسان لاينتهى، لكن معنى الرب أنه أعطاك كل ما تحتاج، قال: {ثم هدى }، هداك إليه، هداك إلى مصالحك. جئت ماشيا؛ لئلا تقع أودع في أذنك الوسطى جهاز توازن، جهاز التوازن ثلاث.. قنوات فهن فيها سائل وفى أشعار فوق السائل، فأنت إذا ملت يمنا السائل يبقى مستويا بمثل الجدار المائل تتحسس الأشعار، تعيد وضعك، لولا جهاز التوازن ما في إنسان يمشى على قدمين أبدا والدليل لن تستطيع أن توقف الميت على قدمه؛ لأنه فقد التوازن. أنت بتوازن لك أرجل لطيفة صغيرة، لولا جهاز التوازن لاحتجت إلى قاعدة استناد واسعة جدا، والدليل في بعض محلات الأقمشة يضعون تمثالا لامرأة. انظر إلى القاعدة سبعين سنتي من أجل أن يبقى هذا الجسم منتصب يحتاج إلى قاعدة استناد واسعة جدا:ً {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، يعني في قرص لحمي ينزل مع الجنين، في هذا القرص شيء لا يصدق.. تجتمع في هذا القرص دورة دم الأم مع دورة دم الجنين ولا يختلطان ولكلٍ دورة ولكل دم زمرة، ومعلوم عند الأطباء أن الدم إذا جاءه دم من زمرة أخرى ينحل فوراً لو أن الدم _دم الأم ودم الابن_ اختلطا لماتت الأم والجنين فوراً، لا يختلطان بينما غشاء هذا الغشاء سماه الأطباء الغشاء العاقل يأخذ الأكسجين من دم الأم يضعه في دم الجنين: {أعطى كل شيء خلقه }، يأخذ من دم الأم طبعا. لما أخذ الأكسجين قام الغشاء العاقل بدور جهاز التنفس... أخذ السكر ووضعه في دم الجنين، قام بدور جهاز الهضم... أخذ الأنسولين ووضعه في دم الجنين، قام بدور البنكرياس سار بالجنين في سكر
وأكسجين وأنسولين، يحترق السكر عن طريق الأكسجين بوساطة الأنسولين بيشكل طاقة حرارة. فالجنين حرارته سبعة وثلاثون، ناتج الاحتراق ثاني أكسيد الكربون، يأتي غشاء العاقل ليأخذ هذا الثاني أكسيد الكربون من دم الجنين يضعه في دم الأم. فجزء من دم الأم ثاني أكسيد الكربون. وجنينها يأخذ عوامل مناعة الأم يضعها في دم الجنين، فكل الأمراض التي أصيبت بها أمه هو محصن منها. يأخذ من دم الأم الحاجات الغذائية الدقيقة، يعني البروتين، الشحوم، الفيتامينات، المعادن، أشباه المعادن... وكأنه عالم من علماء التغذية. وهذه النسب تتبدل ساعياً وينفذها؛ لذلك سماه الأطباء الغشاء العاقل ولو سلم أمر الغشاء العاقل إلى مجموعة أطباء في قمة التفوق لمات الجنين في ساعة واحدة. الآن.. الطفل في حاجة إلى مادة معينة ليست في دم أمه.. الأم تشتهي طعاماً فيه هذه المادة.. شهوة الأم الحامل حاجة ابنها إلى التغذية: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى }، {إنما يخشى الله من عباده العلماء }، كلما ازددت فهماً لحقائق آيات الله في خلقه كلما ازددت تعظيما لله عز وجل وخشية له وخضوعاً له، وإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، {قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه }، أعطاه الخلق الكامل، يعني البعوضة فيها مائة عين، الحوت وزنه مائة وخمسون طنا، خمسون طن دهناً وخمسون طن عظماً وخمسون طن لحماً، وستخرج من الحوت تسعين برميل زيت سمك ويرضع وليده ثلاث مائة كيلو بكل رضعه ثلاث رضعات، طن حديد، هذا الحوت: {أعطى كل شيء خلقه }، من بعوضة فيها أجهزة متنوعة إلى الحوت الأزرق الذي يزيد وزنه على مائة وخمسين طن: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، يعني أنت حينما تتفكر في خلق السماوات والأرض تجد نفسك أمام عظمة الله، وكأن التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله وأوسع باب تدخل منه على الله، ولا تنس هذه الآية: {قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الله الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى}.
الآن موضوع المتابعة... انظر إلى الأب الكامل العارف الرحيم الحاني كيف أنه يتابع أولاده متى جاء؟ متى خرج مع صديقه؟ لماذا تأخرت؟ المتابعة.. ماذا قال الله عز وجل عن هذه المتابعة: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت }، تصور الطبيب مر على مريض طلب التحليل ،الضغط مرتفع يعطي توجيها: أوقفوا الملح. يرى أن في فقر دم يعطي توجيها بإعطائه أدوية بها حديد، فدائماً الطبيب يتابع حالة المريض وكل نقص أو زيادة أو تطرف في التحليلات في قرار يتخذه.
نعم: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت }، هذه هي التربية. ومرة ثانية، اسم الرب هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الإنسان الأب يعني أب، لكن مرة كنت في الطريق أمشى فإذا بإنسان يصيح بإنسان أخر، قال: إذا ما له أب له رب، الله يربينا جميعاً ونحن في العناية المشددة إن شاء الله.
الآن... في معنى آخر للربوبية: {الله خالق كل شيء }. هنا معنى جديد، الله عز وجل يتفرد بالخلق ولا خالق إلا الله: {الله خالق كل شيء}، خلق وهو على كل شئ وكيل، تصرف؛ لذلك سيدنا هود قال: {فكيدوني جميعاً}_ متحدياً_{ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم}، فالله سبحانه وتعالى يتفرد بالخلق وبالتصرف والقاعدة الدقيقة جداً أن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، وفى هذا الكون آيات باهرات دالة على قيوم الأرض والسماوات.
إذن: الله عز وجل له أسماؤه الحسنى وصفاته الفضلى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، الآن.. من معاني الربوبية قال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين}، من هو الله رب العالمين؟ قال: {الذي خلقني فهو يهدين }، {يأيها الناس اعبدوا ربكم }، {والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين }، هذا هو الرب؛ لذلك لا يليق ولا يقبل ولا يعقل أن تعبد غير الخالق: {يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم }.
إذن: {فلله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، ولعل اسم الرب اسم الله الأعظم، بل أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت في أمس الحاجة إليه، فالفقير اسم الله الأعظم له المغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والضعيف اسم الله الأعظم له القوي، والمهزوم اسم الله الأعظم له الناصر، والجاهل اسم الله الأعظم له العليم، فأنت في أي حاجة تحتاج إلى أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين }؛ لذلك أيها الإخوة الرب هو الذي يربي عباده، يربي أجسامهم، ويربي نفوسهم، ويهديهم إلى مصالحهم، ويهديهم إليه عن طريق الوحي، ويهديهم بالتوفيق، ثم يهديهم إلى الجنة، يهديهم إلى مصالحهم بالأجهزة والخصائص التي منحوا إياها، ويهديهم إليه بالوحي، ويهديهم بالتوفيق:{إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى }، ثم يهديهم إلى الجنة؛ لذلك أيها الإخوة معرفة أسماء الله الحسنى جزء أساسي من عقيدة المسلم بل هو من أبرز خصائص عقيدة المسلم . والحمد لله رب العالمين